الاثنين، 14 يناير 2013

على آثارهم



في رثاء سَيِّدَيَّ الإمام عبد السلام ياسين والعارف المُعَمَّر محمد البقالي الجسني الداهري
(رحمهما الله تعالى)




مَضَتْ بَوَاكٍ وَرَاءَ النَّعْشِ تَتْبَعُهُ .. وَرُحْتُ أنْدُبُ نَفْسِي بَعْدَهُ وَجِلا

أكُلَّمَا أبْصَرَتْ عَيْنِي الضِّيَاءَ ضُحىً .. ألْفَيْتُ مِنْ جَفْنِهَا الدَّيْجُورَ مُنْسَدِلا

حُجُوبُ نَفْسٍ .. كأنَّ الدَّهْرَ رَاهَنَهَا علَيَّ دَوْماً .. فلاَ أنْفَكُّ مُنْخَذِلا

أرَى النَّسيمَ وَلَكِنْ لَسْتُ أُمْسِكُهُ .. أعْطَيْتُ كَفِّي الَّذِي لِلأنفِ قَدْ جُعِلاَ

حَولاً رَأيْتُ لَهَا .. لوْ مِنْهُ قَدْ بَرِئَتْ نَفْسٌ قَدِ امْتَلَأتْ مِنْ زَيْفِهَا أمَلا..

نَفْسٌ تَرَى كَتَدَ الأَمْجادِ أنَّ لَهَا مَدْحاً يُكَالُ .. ومَا مِكْيالُهُ اعْتَدَلا

نَفْسٌ تَرَى رَجُلاُ ثَبْتاً .. وقَدْ حَمِيَتْ نُفُوسُ قَوْمٍ .. لِغَيْرِ اللَّهِ مَا نَزَلا

قَدِ اعْتَلَى صَهْوَةَ الرِّضْوَانِ فِي ألَقٍ .. مضَى لِغَايَتِهِ .. وَالْقَصْدُ قَدْ حَصَلا

دُنْيَاكِ يِا نَفْسُ لَا تُغْري عُيُونَ غَدِي .. أنْتِ الْعَدُوُّ وَحَبْلي فِيكِ قَدْ فُتِلا

لَوْ قَدْ عَلِمْتُ عَدُوَّ العُمْرِ يَا عُمُري .. إذْ رَاحَ يَسْلُبُني أنْفَاسَهُ جَذِلا

إذَنْ .. لَمَا كُنْتُ مَنْ قَدْ كُنْتُ يَا عُمُري .. إذَنْ لَقَبَّلْتُ أعْتَابَ الَّذي رَحَلا
***

قَدْ جِئْتُ أرْثِي حَبِيباً غَابَ مَطْلَعُهُ .. فجَاءَنِي نَعْيُ حِبٍّ نَحْوَهُ انْتَقَلا

كَأنَّمَا دَارَةُ الأفْلاكِ قَدْ جُمِعَتْ لِطَيِّ أسْرَارِهَا .. والنُّورُ قَدْ أفَلا

وَالأرْضُ قدْ زُلْزِلَتْ قَبْلَ الأوَانِ وَلَمْ تَتْرُكْ لِذِي وَطَرٍ في الْكَوْنِ مُعْتَزَلا

فَأيُّ حِضْنٍ يَضُمُّ الْوالِهين غَداً؟.. وَأيُّ هادٍ يَسُدُّ النَّقْصَ وَالخَلَلا؟

أسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ جَهْلٍ وَمِنْ خَوَرٍ .. ومِنْ لِسَانٍ رَغَا فَاسْتَحْلَبَ الزَّلَلا

مَا غَابَ نَجْمٌ أحَبَّ النَّاسُ وَمْضَتَهُ .. إلاَّ انْبَرَى وَامِضٌ يَسْتَكْمِلُ الْعَمَلا
***

يا راثِياً عَابِرينَ الْمَجْدُ خَلَّدَهُمْ: مَا كَانَ يَرْثِي الَّذي مَا مَاتَ مَنْ عَقَلا

ﻷَنتَ أوْلَى بِهذا النَّعْيِ .. إنَّ فَماً لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ لِلأرْواحِ قَدْ قَتَلا

أوْلى بِهذا الرِّثاءِ الْيَومَ قافِيَةٌ تَخِبُّ في بَحْرِهَا .. وَالْحَرْفُ قَدْ ثَمِلا

تَخِبُّ في بَحْرِهَا .. وَالتِّيهُ بَوْصَلَةٌ مَا زَادَتِ الْفُلْكَ إلاَّ الْوَهْمَ وَالْخَطَلا

والْمَوْجُ فَكٌّ عَضُوضٌ نَحْوَها فُتِحَتْ أشْدَاقُهُ حَالِبَاتٍ .. وَالدُّجَى سُدِلا

فَمَا مَقَالي: قَصِيدِي سَهْمُ بَوْصَلَتي؟.. وَمَا احْتِفائي؟ .. إذا ما البَرُّ قَدْ بَخِلا؟

إنَّ الرِّثاءَ هُنا ذِكرُ الأُلَى عَبَروا .. منْ سَارَ في دَرْبِهِ لاَ يَلْتَوي وَصَلا

إنَّ الرِّثاءَ هُنا ذِكرى لِمَنْ صَبَروا .. ذِكْرى لِذي مُقْلَةٍ لاَ تَغْفُلُ الأجَلا

ذِكْرى السَّواعِدِ لِلإسْلامِ شَمَّرَها الرِّجَالُ لَمَّا دُعُوا .. والْبَغْيُ قَدْ رَغَلا

قامُوا فُرادَى .. وَكانَ الْكَوْنُ يَسْمَعُهُمْ .. كأنَّهُم أمَروا التَّاريخَ فَامْتَثَلا

وَقَالَ بَاغٍ : أذاكَ الْفَرْدُ يَفْعَلُهَا؟.. فَجَاءَهُ الرَّدُّ : إي وَاللَّهِ قَدْ فَعَلا
***

جُروحَ قَلبي .. أرَاكِ الْيَوْمَ نَازِفَةً .. كَذَّبْتِ نَفْساً تَغَنَّتْ : "جُرْحُكَ انْدَمَلا"

فَمَا الدَّوَاءُ؟ وَهَا كُلُّ الأنامِ غَدَت أشْخَاصُهُمْ حُجُباً .. آراؤُهُمْ سُبُلا؟

أبَعْدَمَا أشْرَعَتْ تِلْكَ السُّيُوفَ يَدِي، وقَامَ لي طَالِبي يَسْتَنْفِرُ الْحِيَلا؟

وَالرِّيحُ تَزْأَرُ بِالأنْواءِ سَاغِبَةً .. يَصيحُ بي الْغِمْدُ: عُدْ! يا صَاحِ .. حَيَّهَلا ..؟

أخْطَأتِ مَوْعِدَكِ المَيْمُونَ يَا رِئَتي .. فَالآنَ لا تَشْتَكِي.. لا تَنْفُخِي مَلَلا

اَلْيَوْمَ أنْتِ أمَامَ الرِّيحِ وَاقِفَةٌ .. فَلْتَشْهَقي يَأسَهَا .. ولْتَزْفُرِي الأمَلا


طنجة في 30 صفر 1434 هـ
الموافق لـ 12 يناير 2013 م