الثلاثاء، 26 أبريل 2011

دورة الإنصاف والمصالحة

تأملت هذا التاريخ الصغير الذي سطره عمر هئية الإنصاف والمصالحة منذ أن تأسست إلى اليوم فبادرني تأملي بسؤال: هل الأطفال والمراهقون الذين تم اعتقالهم ليلة الـ21 من فبراير الماضي على خلفية احداث الشغب التي عرفتها طنجة وغيرها من المدن خاضعون لتحقيق إنساني ونزيه؟ هل تم التأكد من عدم تكرار ما حدث ويحدث دائما من جمع الحابل والنابل وأخذ البريء بجريرة المسيء؟ خصوصا وأن الأمر يتعلق بمراهقين وأحداث لعل عدم إحسان التعامل معهم إنما هو إعداد لمجرمين للمستقبل وإيغار لصدورهم على وطن ما أحوجه إلى ربحها؟ وصياغة لعقول خطرة لا تلبث أن تنفجر في وجوهنا يوما ما آثار ما زرعناه فيها؟

إننا اليوم نشاهد إرهاصات بداية خجولة لطي صفحة السلفية الجهادية وهي الصفحة التي كتبها منا قوم بظلمهم وصلفهم وآخرون بحقدهم وتنمرهم و ساهمنا فيها نحن بسكوتنا ومطامنتنا.. ولكن الخطير والمثير للسخرية في آن، هو أننا شرعنا في صياغة هذه الصفحة المشؤومة ونحن في غمار طي صفحة سنوات الرصاص مع مجهودات هيئة الإنصاف والمصالحة.. فهل نكون قد شرعنا في صياغة صفحة مشؤومة جديدة عن شباب 20 فبراير ونحن نطوي صفحة السلفية الجهادية مع النسخة الجديدة لهيئة إنصاف ومصالحة جديدة؟ هل يكون قدرنا مع هذه الخروقات والمظالم كقدر العنقاء ما أن تعمد إلى حرق نفسها حتى تنبعث من رمادها ماردة جبارة من جديد؟
علينا إذن أن نضيف إلى مطالبنا مطلبا جديدا وهو الإعلان عن التحقيقات الجارية في ملفات 20 فبراير والإفراج الفوري عمن لم تتبين علاقتهم بأعمال الشغب والنهب..أما تلكم الأحكام التي صدرت قاسية في حق بعضهم فلا بد من مراجعتها حتى لا نكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا...

إن الإصلاح لا يكون بالنظر إلى فوق كثيرا وإنما يتحقق للذين لهم القدرة على  رؤية و إحساس التفاصيل الصغيرة التي تؤسس حياتنا..إننا عندما نرضى بالمظالم الصغيرة تقع على رؤوسنا نكون قد أعطينا الشرعية للمظالم الكبيرة.. وعندما نؤجل معركتنا في إطار تفصيل يومي يبدو صغيرا وغير مهم، نكون قد أجلنا التغيير بكل ما تحمله الكلمة من زخم وعرامة لما هو بزعمنا أجل وأكبر.. وكذلك .. لا يصح أن نعمى عن هؤلاء الصغار المراهقين الذين لا ندري ما يقاسونه وراء الأسوار ﻷننا في خضم معركة "تعديل الدستور".. ألا إن هذه من تلك.. يجب أن نتساءل عن هؤلاء ومن معهم من المناضلين الذين لا علاقة لهم بالشغب بتاتا وإنما أخذوا في غمار من أخذوا .. وتم إخفاء قضيتهم في عجاج الخروقات التي تمت في نهاية ذلك اليوم..هذا بغض النظر عن سؤال مهم لا بد أن يطرح وهو عن غياب الأمن ليلتها بدعوى عدم المساس يالمتظاهرين حتى إذا حدث ما حدث تحرك المنجل المعهود ليجمع الأخضر واليابس مطمئنا إلى تعطش المواطنين للأمن وطلبهم للسلة دون عنبها..

لا بد من البحث في هذا الموضوع حتى لا نفاجأ يوما – لا سمح الله – بفيديوهات يخرج فيها علينا أحد هؤلاء فنشرق بغصص العار كما فعلنا عندما خرج علينا الشارف بوشتة بلحيته التي تبكي تدنيسها وهو يصرخ في هيستيرية
"عار عار عار" أعاذنا الله من العار ولطف بنا فيما أجرى من الأقدار.آمين