الأربعاء، 26 شتنبر 2012

اليوم العالمي المفتوح للبرمجيات الحرة يطرق باب الحكومة ولكن بنكهة رقمية



اليوم العالمي المفتوح للبرمجيات الحرة
يطرق باب الحكومة ولكن بنكهة رقمية

تحرير : فيصل الأمين البقالي



نظمت مجموعة من المهنيين والباحثين والمهتمين بالبرمجيات الحرة (Free SoftWare) والبرمجيات مفتوحة المصدر (Open Source) يوما مفتوحا بإحدى قاعات العروض بمجمع TechnoPark بالدار البيضاء وذلك يوم السبت 22 شتنبر 2012. وهو تقليد دأبت على تنظيمه مؤسسة البرمجيات الحرة أو Free Software Foundation -والتي تعرف اختصارا بالـFSF- في أكثر من 400 مدينة عبر العالم وبدأ تنظيمه بالمغرب منذ 04 سنوات.


ويهدف هذا النشاط بالإضافة إلى العمل على أن تلتقي الفعاليات على اختلاف مواقعها المهنية و خلفياتها التكنولوجية إلى أمرين أساسين :

أولهما عرض أهم المستجدات في مجال البرمجيات الحرة باستضافة ممثلين عن مجتمعات تكنولوجية من مثل : موزيلا Mozilla وأوبنتو Ubuntu ودروبال Drupal وغيرها من مجتمعات البرمجيات الحرة والبرمجيات مفتوحة المصدر.. وهو ما من شأنه ان يبرز التقدم الذي تحرزه يوما بعد يوم هذه المدرسةُ المعلومتية على حساب المدرسة الأخرى (والتي يطلق عليها بالبرمجيات الامتلاكية Priotary Software أو Logiciels Propriétaires) حيث بتنا نتوفر على بدائل كاملة متكاملة سواء من حيث باقة البرامج التي يقترحها بالنسبة لكل مجال اقتصادي أو اجتماعي، و بالنسبة لكل من القطاعين العمومي والخصوصي.. أو من حيث ثراؤها وتنوعها وكثرتها (وهي أكثر من أن تحصر في مقال او حتى كتاب صغير)، أو من حيث مستواها التقني المتقدم في سرعتها وخفة حمولتها (إذ لا تستدعي عتادا بمواصفات عالية كما هو الشأن بالنسبة لبعض الأنظمة المشهورة والتي لا تنفك في كل نسخة لاحقة تستدعي مزيدا من المحدّدات في الحواسيب ومختلف انواع العتاد الرقمي بما يرهق ميزانيات الأفراد والمؤسسات ويملأ الأسواق بالخردة) و كذا في استقرارها وانفتاحها وفعاليتها.. وفي هذا الإطار نشير إلى الدورية التي أصدرها ديوان الوزير الاول الفرنسي بتاريخ : 19 شتنبر 2012 تحت عنوان : "توجيهات لاستخدام البرمجيات الحرة في الإدارة العمومية"1 والتي تنص على أهمية هذا التوجه وفعاليته ونجاعة سلوك طريقه وما يعود ذلك به على الادارة العمومية من فوائد.

ثانيهما : العمل على تعبئة المهتمين بالمعلومتيات عموما والبرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر خصوصا، وعلى اختلاف مرجعياتهم المهنية والتقنية، من أجل "التبشير" بمبادئ هذه المدرسة التكنولوجية -والتي تلقي على المجتمع المدني والاقتصادي والسياسي بظلال قوية- حيث يتم التحسيس بما تَعِدُ به هذه المدرسة من تطوير وإغناء للمشهد العلمي والتكنولوجي من جهة، ومن مساهمة في إطلاق دينامية اقتصادية واجتماعية من جهة أخرى، ومن مساهمة في أوراش الإصلاح ومحاصرة الفساد المالي والتجاري وكذا السياسي من جهة ثالثة.. هذا بالإضافة إلى ما تمثله هذه المدرسة من اعتبار للسيادة القومية لكل بلد من خلال احتفاء خاص بحريته في اختيار تقنيته المعلومتية والقدرة إلى الاطلاع على مصادر هذه البرامج (source code) وهو ما لا تتيحه برامج المدرسة المقابلة والتي تهدد بالتبع لذلك سيادة الدول وتغمز في مصداقية كثير من مناشطها التي تعتمد على برامج مجهولة المصدر وبالتالي غير مضبوطة الوظائف (وقد ظهرت تقارير مهمة عن مجموعة من البرمجيات الشائعة غير الحرة والتي تمارس أدوارا مشبوهة في عمليات التجسس الرقمي وجمع البيانات من ملايين الحواسيب في العالم وإرسالها إلى مراكز معروفة لمعالجتها ﻷهداف استخباراتية مخصوصة) والتي مع الأسف الشديد سائدة وشائعة وينظر إليها على أنها أصل من الأصول أو فرض من الفروض.

لقد توزعت هذه المسائلُ أغلبَ المداخلات التي عرفتها التظاهرة حيث عرض د.كريم باينة وهو أستاذ بالمدرسة الوطنية العليا للمعلومتيات وتحليل النظم ENSIAS للدور الاستراتيجي الذي يمكن ان تلعبه البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر في المجال الاقتصادي و مجال المعلومتيات في الدول النامية. كما تطرق إلى موضوع البرمجيات الحرة في مجال التربية والتعليم ذ. محمد زنان الباحث والأستاذ بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بسلا والمسؤول عن دراسات تكنولوجيا الاتصال و المعلومتيات (TIC) في وزارة التعليم العالي والناشط في مجال البرمجيات الحرة. بعد ذلك تعاقب على المنصة مجموعة من الناشطين الشباب في إطار عدة مجتمعات تكنولوجية مثل مجموعة نظام أوبنتو Ubuntu حيث تم عرض إصداره الاخير 12.04.. وكذا تم عرض برنامج دروبال Drupal لتطوير وتسيير المواقع الشبكية والبرامج التي تعمل على متصفحات الإنترنيت.. كما عرف اللقاء حضور مجتمع موزيلا Mozilla الذين يحضرون لأول مرة لقاء من هذا القبيل بالمغرب حيث تميز عرضهم عن البقية بكونه ألقي باللغة العربية.. وختم اللقاء بمائدة مستديرة عرفت نقاشا قويا حول كثير من القضايا المرتبطة بالموضوع.

لقد كان من بين أهم النقاط التي أثيرت في اللقاء تلك التي عرضت للعلاقة بين البرمجيات الحرة والحكامة الجيدة حيث تطرق إليها غير واحد.. والجميع عبروا عن امتعاضهم من كثرة التماطل الذي عرفه هذا الموضوع مع تعاقب الحكومات خصوصا الحكومة السابقة منذ إنشاء وزارة خاصة بعالم التقنيات الحديثة.. وعبروا عن أملهم الكبير في أن تجد دعوتهم آذانا صاغية لدى الحكومة الحالية و لدى السيد الوزير محمد اعمارة، خصوصا وان هذه التقنية من شأنها أن تربح الإدارة العمومية اموالا طائلة تبدد في هدر عبثي على تقنيات يتم اختيارها في إطار صفقات قيل أنها لا تخضع للمعايير الضرورية في مثل هذه المجالات وبعد ذلك لا تكاد تعرف طريقها إلى الفئات المستهدفة حتى تكون قد تم تجاوزها او انتهت مدة صلاحيات رخصها كليا او جزئيا او ظهرت احتياجات اخرى تستدعي هي الاخرى استثمارا جديدا في دورة لا تنتهي. وكان ريتشارد ستالمان -عرّاب البرمجيات الحرة في العالم- قد نشر مقالا مهما في هذا الإطار بعنوان "في سبيل تعزيز مكانة البرمجيات الحرة في المؤسسات العمومية"2


1أنظر الوثيقة على الرابط التالي: http://circulaire.legifrance.gouv.fr/pdf/2012/09/cir_35837.pdf
2انظر المقال بالفرنسية: http://www.gnu.org/philosophy/government-free-software.fr.html